
الدولة تتحرك لتنظيف القطاع الرياضي: الداخلية تشرع في تقنين مدارس التكوين والجمعيات الرياضية
في خطوة تنظيمية حاسمة، شرعت وزارة الداخلية، بتنسيق وثيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في تنفيذ حزمة من الإجراءات التنظيمية الجديدة، تستهدف تقنين عمل الجمعيات الرياضية ومدارس تكوين اللاعبين، بعد تزايد الظواهر غير القانونية داخل هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة.
ووفقًا لمعطيات أوردتها صحيفة الصباح، فإن السلطات المركزية أصدرت تعليمات صارمة تلزم جميع المدارس والجمعيات الرياضية بضرورة الحصول على اعتماد رسمي من وزارة التربية الوطنية والرياضة كشرط أساسي للاستفادة من البنيات التحتية العمومية، أو للحصول على أي دعم مالي من المجالس المنتخبة. كما تم التشديد على أن أي اتفاقية شراكة أو صرف لأي منح مالية عمومية، لن يتم إلا بعد التحقق من هذا الاعتماد.
الإجراءات الجديدة تأتي في سياق سعي الدولة إلى الحد من فوضى انتشار مدارس التكوين غير المعتمدة، التي تكاثرت بشكل ملفت في عدد من المدن المغربية، دون خضوعها لأي مراقبة قانونية أو تقنية. وينص القرار الجديد على إلزام هذه المدارس والجمعيات بتسوية وضعيتها القانونية قبل مباشرة أي نشاط.
أما المدارس ذات الطابع التجاري، والتي تتقاضى رسوماً مالية من الأسر مقابل التسجيل والتكوين، فقد تقرر إحالة ملفاتها على الإدارة التقنية الوطنية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، من أجل التأشير والمراقبة الفنية، ضمانًا لاحترام معايير التكوين المعتمدة وحقوق الأطفال الرياضيين.
واحدة من أبرز دوافع هذا التدخل الرسمي، كما كشفت مصادر من وزارة الداخلية، هي معالجة الخروقات المرتبطة بتدبير الدعم المالي العمومي الموجه إلى الجمعيات الرياضية. فقد تم تسجيل صرف منح لجمعيات لا تتوفر على اعتماد قانوني، أو تلك التي انتهت مدة صلاحيتها، فضلًا عن وجود شبهات في اعتماد معايير انتخابوية وزبونية في توزيع الدعم، ما ساهم في إقصاء جمعيات نشيطة وملتزمة قانونيًا.
ويُنتظر أن يُسهم هذا التوجه في إرساء نظام شفاف ومهني لتدبير القطاع الرياضي المحلي، عبر ضمان تكافؤ الفرص بين الجمعيات، وربط الدعم العمومي بالشرعية القانونية والنجاعة في الأداء.
هذه الإجراءات تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع لإصلاح منظومة التكوين الرياضي بالمغرب، عبر تعزيز الرقابة، وتشجيع الجمعيات والمدارس الجادة، ومحاربة كل أشكال التسيير العشوائي أو الاستغلال التجاري غير المؤطر قانونًا.
ويرى عدد من المتتبعين أن هذه المبادرة، رغم تأخرها، تُعد خطوة ضرورية لتصحيح المسار، خصوصًا في ظل الطموحات الوطنية لتطوير كرة القدم والرياضة القاعدية، ورفد المنتخبات الوطنية بلاعبين مؤهلين تلقوا تكوينًا أكاديميًا وتقنيًا سليمًا في بيئة قانونية منظمة.
الدولة المغربية، من خلال هذا الإجراء، توجه رسالة واضحة: لا دعم ولا شراكة بدون اعتماد قانوني. وهي بذلك تضع حدًا لفوضى استمرت طويلاً في قطاع حيوي، وتفتح الباب أمام جيل جديد من الأندية والمدارس التي تشتغل بمهنية وتخضع للمساءلة.