
انحلال الأخلاق في المجتمع… وقود العنف داخل المؤسسات التعليمية
متابعة : سعيد بيار ://
أصبحت المؤسسات التعليمية، التي يفترض أن تكون فضاءً للعلم والتربية والتنشئة السليمة، مسرحًا متكررًا لوقائع عنف خطيرة، سواء بين التلاميذ أنفسهم أو بينهم وبين الطاقم التربوي. هذا الانفلات المتزايد يطرح تساؤلات جدّية حول أسبابه، وفي مقدمتها انحلال المنظومة الأخلاقية داخل المجتمع، التي باتت تؤثر سلبًا على سلوكيات النشء وتوجهاتهم.
الواقع المقلق:
تشهد المدارس في مختلف المستويات التعليمية تفشي مظاهر العنف اللفظي والجسدي، والتنمّر، وحتى الاعتداءات الخطيرة التي تصل أحيانًا إلى استعمال الأسلحة البيضاء. وتُظهر تقارير تربوية وأمنية تزايدًا مستمرًا في عدد هذه الحوادث، مما يثير قلق الأسر، والأساتذة، والمسؤولين.
انحلال الأخلاق: الجذر الخفي للمشكلة
يرى مختصون في علم الاجتماع أن تفشي العنف داخل المدارس ليس سوى انعكاس مباشر لتحوّلات عميقة يشهدها المجتمع، تتمثل في تراجع القيم التربوية، وتفكك الروابط الأسرية، وانهيار سلطة القدوة. ففي ظل انتشار خطاب الكراهية والعنف في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وغياب الرقابة الأسرية الفعالة، يجد التلميذ نفسه تائهًا بين قيم متناقضة، لا تمنحه الاستقرار النفسي والاجتماعي.
دور الأسرة والمجتمع في الوقاية:
الأسرة، بصفتها الخلية الأولى في تنشئة الفرد، تتحمّل جزءًا كبيرًا من المسؤولية، حيث يؤكد الخبراء أن غياب التوجيه والمتابعة، والإهمال العاطفي والتربوي، كلها عوامل تساهم في انزلاق الأبناء نحو سلوكيات منحرفة. كما أن المحيط الاجتماعي، بما فيه من صور العنف المتكررة، يرسّخ لدى الأطفال والمراهقين فكرة أن العنف وسيلة مقبولة لحل النزاعات أو فرض الذات.
الحلول المقترحة:
لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، يجب اعتماد مقاربة شاملة تشمل:
تعزيز التربية الأخلاقية داخل المناهج الدراسية.
تكوين الأساتذة في كيفية التعامل مع التلميذ العنيف.
تمتين العلاقة بين الأسرة والمدرسة.
تنظيم حملات توعية مجتمعية حول خطورة العنف المدرسي.
توفير الدعم النفسي داخل المؤسسات التعليمية.العنف في المؤسسات التعليمية جرس إنذار يدقّ بقوة، مذكّرًا الجميع أن ما نزرعه في نفوس أبنائنا داخل الأسرة والمجتمع، سنحصده في المدارس. وإذا لم تتظافر الجهود لإعادة الاعتبار للقيم الأخلاقية، فستظل المدرسة تدفع ثمن انحلال أخلاق مجتمع فقد بوصلته التربوية.