قرارات هامة يصدرها البيان الختامي للمؤتمر الوطني الثامن للعدالة والتنمية

انعقد بحمد الله وتوفيقه يومي 20 و21 ربيع الأول 1439 ه موافق 9و10 دجنبر 2017 م المؤتمر الوطني الثامن لحزب العدالة والتنمية بالمركب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، حيث انتظمت أشغاله في ثلاث جلسات استمع خلالها المؤتمرون لكلمتي الأخ رئيس المؤتمر والأخ الأمين العام وصادق خلالها على التقرير المالي، وعلى تعديلات النظام الأساسي المرفوعة إليه من المجلس الوطني وعلى ورقة توجهات المرحلة المقبلة بعد الاستماع لتقارير وتوصيات الجموع الجهوية لأعضاء الموتمر، وانتخاب أعضاء المجلس الوطني، وانتخاب الأمين العام بعد التداول والتصويت حيث تم انتخاب الأخ الدكتور سعد الدين العثماني أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية وحصل على 1006 صوت من أصل 1943 في حين حصل الأخ الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي على 912 صوت.
وانطلقت الجلسة الافتتاحية بكلمة الأخ جامع المعتصم رئيس المؤتمر والتي ذكر فيها بالسياق الدولي المتسم بتصاعد النزاعات والتوترات التي تحصد أرواح الأبرياء في العديد من الأقطار العربية وفي غيرها، والتي تغذيها قرارات جائرة ومبادرات خرقاء، كان آخرها إقدام الإدارة الأمريكية على إمضاء قرار نقل سفارتها لدى الكيان الصهيوني إلى القدس الشريف منددا بشدة بهذا القرار.
أما على المستوى الداخلي فقد ذكر رئيس المؤتمر بالمخاض العسير الذي تعرض له الحزب بسبب الاختلافات التي عرفها، منوها بالدور الريادي والمتميز أخلاقيا وسياسيا الذي اضطلع به الأخ الأمين العام في تثبيت مشروعية مختلف المؤسسات الحزبية والتمسك بالخيار الديمقراطي وتدبير الاختلاف داخلها والوصول بالحزب موحدا إلى محطة المؤتمر، داعيا المؤتمرين إلى تحمل مسؤولياتهم لإنجاحها وجعلها عرسا ديمقراطيا حقيقيا.
ومن جهته أبرز الأخ الأمين العام أن المؤتمر ينعقد في ظروف سياسية تعرض فيها الحزب لهزات ولامتحان صعب حيث إنه بعد تصدره للانتخابات التشريعية تم إعفاء رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها، الشيء الذي كان من الممكن أن يدفع بالحزب إلى المعارضة لكنه قرر استجابة لمصلحة الوطن أولا ولمصلحة الحزب ثانيا أن يتفاعل إيجابا مع بلاغ الديوان الملكي. وأضاف أنه رغم الاختلاف الذي حصل بعد تشكيل الحكومة قررنا أن ما حصل بعد ذلك نتحمّل المسؤولية فيه جميعا، وأن نتوجه موحدين إلى محطتي المجلس الوطني والمؤتمر الوطني، مذكرا بمصدر قوة الحزب الذي يتمثل في المرجعية الإسلامية التي من مقتضياتها الوفاء بالعهود والوفاء لملكيتنا الذي هو قرار استراتيجي بالنسبة للحزب، كما أكد على أهمية صيانة الحرية المسؤولة والتمسك بوحدة الحزب وتعزيز ديمقراطيته الداخلية والنقد الذاتي لسلوكنا فرديا وجماعيا.
وقد تميزت أشغال المؤتمر بقدر كبير من المسؤولية والحرص الجماعي على إنجاح هذه المحطة وتدبير الاختلاف في وجهات النظر بطريقة ديمقراطية فضلا عن التنظيم المحكم والسير الانسيابي لأشغاله.
وفِي ختام أشغال المؤتمر، أكد المؤتمر على المواقف التالية:
-1 توجيه تحية تقدير للأخ الأمين العام الأستاذ عبد الاله ابن كيران وتثمين الدور المتميز الذي اضطلع به خلال المرحلة التي تولى فيها مسؤولية الأمانة العامة، وما تحقق للحزب خلالها من إشعاع ومن مكتسبات، وإلى جانبه كل قيادات الحزب ومناضليه كل حسب موقعه، كما عبر عن ثقة المؤتمرين أن تغيير موقعه لن يغير من مكانته داخل الحزب، ولن يثنيه عن مواصلة دوره في الإصلاح وفِي تعزيز البناء الديمقراطي– كما كان دوما- إلى جانب إخوانه وأخواته في الحزب، وإلى جانب كافة القوى الإصلاحية الوطنية في إطار ثوابت البلاد ومقوماتها.
-2 التأكيد على الثوابت والمرتكزات والقيم الأساسية التي قام عليها الحزب وعلى رأسها المرجعية الإسلامية والوطن وصيانة أمنه ووحدته واستقراره وسيادته والوفاء للملكية والتعاون على خدمة الصالح العام، والوفاء بالعهود والوعود، والقرب من المواطنين وتقديم المصلحة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار، ومقاومة الظلم والريع والفساد، وتعزيز قيم الاستقامة والنزاهة والعطاء ونكران الذات وتقديم نماذج عملية وتمثلها في سلوك المناضلين، وصيانة قيمة الحرية المسؤولة والديمقراطية واحترام استقلالية القرار الحزبي.
-3 الاعتزاز بالطريقة الراقية التي أدار بها الحزب خلال المرحلة الأخيرة الاختلافات الناتجة عن تداعيات إعفاء الأخ الأمين العام من رئاسة الحكومة، والنقاش حول بعض مقتضيات النظامين الأساسي والداخلي للحزب واللائحة الداخلية للمجلس الوطني، وينوه من جديد بالدور المتميز الذي اضطلع به الأخ الأمين العام شخصيا والإخوة والأخوات في الأمانة العامة المنتهية ولايتها وبالحكمة التي دبروا بها تلك التداعيات، بما يجعل الحزب يجتاز بنجاح صعوبتها كما يشهد على ذلك النجاح الكبير لمحطتي المجلس الوطني وهذا الموتمر، وينوه بما ترتب عن تفعيل دور مؤسسات الحزب بما يجعل من الحزب مدرسة في العمل الموسساتي، وقاطرة في الارتقاء بالعمل الحزبي.
-4 الدعوة إلى إطلاق حوار سياسي داخل مؤسسات الحزب من أجل قراءة جماعية للمرحلة وترسيخ ثقافة سياسية مشتركة في التعاطي مع المتغيرات، وتقييم شامل للمرحلة الفاصلة بين المؤتمرين السابع والثامن.
-5التعبير عن القلق بشأن عدد من المظاهر السلبية التي يعرفها المسار الديمقراطي ببلادنا، من قبيل إضعاف الأحزاب السياسية وتبخيس دور المؤسسات التمثيلية، ويدعو إلى إطلاق دينامية إصلاحية جديدة تسهم في ترسيخ المسار الديمقراطي وتوسيع المشاركة السياسية وتجدد آمال المواطنين في مواصلة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية التي عرفت دفعة مهمة منذ إقرار دستور 2011، ويدعو إلى العمل على:
– مواصلة النضال من أجل تثبيت المسار الديمقراطي وصيانة مكتسباته وتحقيق تطبيع كامل مع قواعد العمل والممارسة الديمقراطية وتداول على تدبير الشأن العام بناء على برامج سياسية واضحة.
– مواصلة النضال من أجل تكريس دولة الحق والقانون التي تضمن الحقوق والحريات وترفع من شأن سلطة القانون وتعزز المكتسبات المتحققة في هذا المجال وتوسعها وتتصدى لكل الانتهاكات والتراجعات.
– الإسهام في إطلاق دينامية لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مستوعبة للمكتسبات ومثمنة لها، وراصدة للسلبيات ومعالجة لها، والاسهام في تجديد للنموذج التنموي، والتنزيل الأمثل للجهوية المتقدمة، وتعزيز للحكامة الجيدة، وتطوير السياسات العمومية في مجالات العدل والإدارة والتعليم والصحة والشغل والتفاعل مع الانتظارات الاجتماعية.
– دعم الحكومة ومساندتها حتى تنجح في الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطنين، ودعوتها إلى مضاعفة الجهود لمواصلة الإصلاحات وتكثيف التواصل مع المواطنين والمواطنات، ويدعو المؤتمر هيئات الحزب ومناضليه إلى مواصلة الارتقاء بأداء الحزب في الحكومة والبرلمان والجماعات الترابية حتى يظل حزبنا قاطرة للإصلاح.
– مواصلة تأهيل منظومتنا الحزبية وتوسيع نطاق التأطير الفكري والمنهجي والأخلاقي حفاظا على القيم المؤسسة للحزب والتي تعتبر من أبرز مظاهر قوته وضامنة لاستمراره بما يتناسب مع الأدوار والمهام المنتظرة منه .
-6 يؤكد المؤتمر على أن احترام إرادة المواطنين والتدبير الديمقراطي للعمليات الانتخابية شرط أساس لرفع مستوى الثقة في العملية السياسية وفي الموسسات المنتخبة، وأن ذلك لا يتأتى إلا بأحزاب قوية ومستقلة قادرة على القيام بأدوارها الدستورية وتعزيز قدرتها على القيام بأدوار الوساطة وحسن تمثيل المواطنين والمواطنات.
7- إدانته الشديدة للاعتداءات المتواصلة للكيان الصهيوني على المسجد الأقصى وانتهاك حرمته وإغلاقه أمام المصلين واستهداف المتظاهرين المحتجين على قرار الإدارة الامريكية بشأن نقل سفارتها إلى القدس، ويعتبر أن هذا القرار يشكل خطوة استفزازية ويمثل عدوانا سافرا لن يغير من أصل الصراع، ولن يختطف القدس من أهلها ولن يغير طبيعتها، ويوجه بالمناسبة تحية إكبار وإجلال للشعب الفلسطيني على صموده في وجه الاحتلال الصهيوني ونضاله المتواصل لإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف، ويوجه على الخصوص تحيته للمقدسيين على صمودهم البطولي في وجه الغطرسة الصهيونية.
ويثمن المؤتمر بالمناسبة الموقف الرسمي للدولة المغربية كما عبر عنه جلالة الملك وعبرت عنه الحكومة والبرلمان والمجتمع المغربي بكافة قواه الحية، ويعبر عن أسفه لتفاقم حالة التشرذم في العالم العربي ودعمه لكل المبادرات التي تسعى إلى رأب الصدع وتجاوز كل أسباب الفرقة والاختلاف، ويعبر عن تضامنه مع الشعوب المضطهدة في العالم الإسلامي وخاصة حملة الإبادة التي يتعرض لها مسلمو الروهينغا ومع كافة الشعوب المضطهدة في العالم.
8- يؤكد المؤتمر على جاهزية مناضلي الحزب للتصدي لمناورات خصوم وحدتنا الترابية في إطار الإجماع الوطني وراء جلالة الملك من أجل صون سيادة المغرب على أقاليمنا الجنوبية ومواصلة التفعيل الأمثل للنموذج التنموي فيها، ويجدد تثمين الحزب للدور الريادي لجلالة الملك في تعزيز مكانة المغرب وإشعاعه الروحي والتنموي في إفريقيا والتي توجت بعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وعزم الحزب على توسيع وتعزيز الروابط مع الأحزاب الافريقية الصديقة.
ويوجه المؤتمر تحية إكبار وتقدير للقوات المسلحة الملكية المرابطة على الثغور ولقوات الأمن الوطني ومختلف الأجهزة الأمنية والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية كل في نطاق دوره ومسؤوليته في السهر على المحافظة على الأمن والسكينة بلادنا.
وحرر بالرباط في: الأحد 21 ربيع الأول 1439هـ الموافق لـ 10دجنبر 2017م
الإمضاء
رئيس المؤتمر
ذ. جامع المعتصم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *