الانتخابات المغربية : القطبية الحزبية بين مطرقة حزب الأصالة والمعاصرة وسندان حزب العدالة والتنمية
نجيب النجاري ../…
إن واقع الانتخابات التشريعية ل 7 أكتوبر 2016 ، أفرز مفهوما سياسيا تمثل في ” القطبية الحزبية ” بين الحزب الحاكم العدالة والتنمية وبين حزب الأصالة والمعاصرة جديد النشأة ، بعض ركون الأحزاب التقليدية داخل رحى التحالف في كنف الأغلبية بعيدا عن إيديولوجية الحزب ، كالحزب الشيوعي سابق أو في كنف المعارضة في ظل الأصالة المعاصرة .
هذا التباين تولد عنه ، ما يسمى بالقطبية الحزبية ، من خلال الخوف على مفهوم ” الديمقراطية ” ، الذي لوحت بها الأحزاب التقليدية ، التي بدأ نجمها يأفل بعد أن أصبح ” مفهوم الديمقراطية ” ملكا للجميع ولا سيما بعد ظهور جمعية من أجل الديمقراطيين ” التي عرفت تحرك مجموعة من مناضلي الأحزاب اليسارية الذين ساهموا في تكريس واقع القطبية الحزبية ، داخل نسق حزبي اسمه الأصالة والمعاصرة .
ويعتبر البوليميك السياسي ، داخل المشهد السياسي ، المهماز الذي يحرك جموح الناخب السياسي ، الذي أبان عليه من خلال ، عدد المقاعد المحصل عليها ، بتقدم الحزب الحاكم الصف الأول ، وركون حزب الأصالة والمعاصرة للصف الثاني ، مع تراجع نسبي في عدد المقاعد بالنسبة للأحزاب الأخرى بيسارها ويمينها ووسطها ، داخل العدد الكلي للأحزاب المشاركة في اقتراع 2016 الذي وصل إلى 35 حزبا .
من هنا تطرح عدة تساؤلات حول مآل الأحزاب “المهزومة ” التي تمثل بأمينها العام ، دون هياكل داخل مشهد سياسي ، انبرى إلى تمثيلية القطبية الحزبية ، وأمام ناخب سياسي اختار شعار ” صراع الأضداد” تشكيلاته القطبية “.
وفي إطار ذلك البوليميك الحزبي ” الذي يعتبر صراعا بين شخصين يمثلان القطب الأول والفائز ” العدالة والتنمية ” والقطب الثاني الأصالة والمعاصر ، ومن خلال تغريدات المتتبعين بوسائل التواصل الاجتماعي ، تتباين نوعية الخطابات والتدوين والنداءات والتنديدات ، حيث لعب المواطن المغربي ، داخل المسلكيات التواصلية ، دورا كبيرا في الإحاطة ، بالتجربة السياسية ، لما بعد ما سمي بالحراك العربي ” الربيع العربي ” الذي أطاح بعدة أنظمة ، مازالت تئن تحت وطأة الحروب ” وخصوصا سوريا ” ، وباعتراف دولي فإن المغرب سلك منحى الإصلاح ، باعتماد دستور جديد سنة 2011 ، الذي شكل المحطة الرئيسة لتكريس مفهوم الديمقراطية وسياسة الإصلاح في إطار مفهوم الحداثة .
وقد شكل الخيار الديمقراطي، أساسا للتنمية، باستعادة الثقة التنموية و باعتماد المقاربة الأمنية الاقتصادية و الاستقرار الذي ينعم فيه المغرب ” ، مع بروز مجموعة من الهياكل والأطر السياسية التي تعاقبت على تسيير مجموع من المؤسسات الوطنية ، كالأمين العام الباكوري لحزب الأصالة والمعاصرة ، الذي شكل البوصلة الفكرية لهذا الحزب ، بحيث يعد من أبرز الهياكل المغربية الحزبية ، وغيره من خريجي المدارس الفرنسية العليا والدولية ، من طينة بنهيمة والقباج وغيره ، هذا التأثير لعب دورا كبيرا في مفهوم القطبية الحزبية ، حيث راهن الجميع على تاريخ الأشخاص بعيدا عن البرامج الحزبية ، رغم إسناد الزعامة لأمناء ورؤساء أحزاب ، يبقى مستواهم الدراسي محدودا ، كشباط والعماري وبن كيران …. ، لكن التجربة الجمعوية والنقابية والحزبية ، ظلت الرهان الأول ” للتربع على رأسهذه الأحزاب ” ، كشخصيات نقابية وجمعوية ، أثرت على المشهد السياسي ، بنهج خطاب التعبئة .
هذه ” المناولة السياسية الحزبية ” لزعماء أثيرت بينهم نعرات البولميك السياسي ، بجدل قائم على قاموس شعبوي لا سياسي ، التماسيح و العفاريت ، وغيره من المصطلحات التي أثارها واقع حال الزعيم السياسي الحزبي ، المنبثق من ” النقابة والهيئات الجمعوية وغيرها ” ، بعيدا عن الحنكة السياسية الوطنية ، وهذا ما أفرزه واقع التشكيلة الحزبية ، حيث الضجيج السياسي ، أصبح بوق الصراع ، داخل قبة البرلمان ، أو من خلال التجمعات الخطابية ، التي أضحت فضاء لتمرير ما يسمى ” بالمديح الفج أو الهراء السياسي ” .
من هنا تطرح عدة تساؤلات حول المنحى السياسي ، للتجاذب السياسي الحزبي ، وهل سيؤسس للقطبية السياسية ، التي ما فتئء مجموعة من المحللين السياسين ، بعد إفرازات الانتخابات التشريعية ، هل هي قطبية حزب مزيفة ، ترتكز على المصالح ، ورهينة بالمشهد الانتخابي الراهن ؟ أم هناك تركيز لهذا المفهوم الناشئ بالمغرب .