
الحلاق صلاح… فنان المقص ووجه الابتسامة في داربوعزة
سعيد بيار://
في أحد الأزقة الحيوية بدار بوعزة، وبين المحلات الصغيرة والمقاهي الشعبية، يبرز محل حلاقة بسيط يبدو من الوهلة الأولى كغيره من صالونات الحلاقة. لكن بمجرد أن تخطو بداخله، تدرك أنك أمام تجربة مختلفة، حيث يجتمع الإتقان الفني، والسرعة، وروح الفكاهة في شخص واحد: الحلاق صلاح.
صلاح، الذي أصبح اسمه مرادفاً للحلاقة المميزة والضحكة الصادقة، لا يُعتبر مجرد مزاول لمهنة، بل حالة اجتماعية وإنسانية قائمة بذاتها. فمقابل كل قصة شعر، يقدّم لزبائنه جرعة من البهجة والراحة النفسية، مستندًا إلى شخصية مرحة وأسلوب فريد في التواصل مع الجميع.
الشهرة التي حاز عليها صلاح لم تأتِ من فراغ، بل من مهارة استثنائية قلّ نظيرها في عالم الحلاقة، حيث يتقن ما يُعرف بـ”الحلاقة المزدوجة”؛ وهي تقنية متقدمة يستخدم فيها كلتا يديه في آنٍ واحد لإنجاز قصة شعر دقيقة وسريعة. هذا الأسلوب، الذي يلفت الأنظار ويثير إعجاب المتابعين، حوّل جلسة الحلاقة إلى عرض حيّ يُتابعه الزبائن بانبهار.
يقول أحد الزبائن، ممن يقطعون مسافات طويلة فقط من أجل الحلاقة عند صلاح: “لا أذهب إليه فقط لأقص شعري، بل لأعيش لحظة فنية من الطراز الرفيع، وأخرج وأنا أضحك من القلب”.
لا يتوقف تميّز صلاح عند حدود الأداء المهني، بل يمتد إلى دوره الاجتماعي كفاعل حقيقي في الحي. داخل صالونه، لا تُسمع فقط أزيز آلات الحلاقة، بل تدور حوارات متنوعة، وتُروى قصص يومية، وتُطلق النكات التي تخفف عن الناس عبء الحياة.
صلاح يعرف زبائنه بالاسم، يتذكر تفاصيلهم، ويواسيهم في مصابهم ويفرح لنجاحاتهم. محله بات أشبه بمقهى صغير أو ملتقى للأصدقاء، يجمع بين الحلاقة والدفء الإنساني.
قصة الحلاق صلاح تعكس صورة المواطن المغربي البسيط الذي أحب مهنته، فأتقنها، وأضاف عليها لمسته الخاصة، ليجعل منها أكثر من وسيلة للعيش. هو مثال حيّ على أن النجاح لا يُقاس بالمظاهر، بل بالإخلاص، والتميّز، والقدرة على إسعاد الآخرين.
في زمن تهيمن فيه السرعة والتكنولوجيا على مظاهر الحياة، يظل الحلاق صلاح نقطة ضوء إنسانية، تذكّرنا بأن البساطة، حين تُرفق بالإبداع، تُصبح أسلوب حياة. وإن كنت من المارين بدار بوعزة، فلا تفوّت فرصة زيارة صلاح… فربما تقص شعرك، لكن الأكيد أنك ستخرج بقصة جميلة، وضحكة صافية.