اليوغا المُلهَم”: مقاربة علمية وتعددية ثقافية للرفاهية من تأليف نجاة زاهد-ميوال

متابعة : نجيب النجاري://


في عالم أصبحت فيه مسألة الرفاهية في صلب الاهتمامات، يفرض اليوغا نفسه أكثر فأكثر كممارسة لا غنى عنها. لطالما اعتُبر اليوغا ممارسة روحية، لكنه اليوم يجد مكانه في السياق العلمي، مدعومًا بأبحاث تُظهر فوائده للجسم والروح. في هذا الإطار تضع نجاة زاهد-ميوال، عالمة أحياء ومولعة باليوغا، كتابها «اليوغا المُلهَم: رؤية علمية». كتاب تلتقي فيه اللغة العلمية مع حكمة الأسلاف، حيث تدعو الكاتبة القارئ إلى إعادة اكتشاف الروحانية من منظور علمي.

زاهد-ميوال، التي درست علم الأحياء، تتناول في هذا الكتاب اليوغا ليس فقط كممارسة، بل كرؤية، طريق حياة متجذر في ثقافات مختلفة. من خلال نهج عقلاني ومنهجي، تفكك الصورة النمطية التي تربط اليوغا فقط بالجانب الروحي، وتظهر، عبر شروحات واضحة وسهلة الوصول، أن فوائده الجسدية والعقلية يمكن إثباتها علميًا.

بحسب المؤلفة، فإن اليوغا ليس فقط روحانيًا، بل أيضًا أداة فعالة للرفاهية الجسدية والعقلية، تتطلب أن يتم قياس تأثيرها علميًا. هكذا، ومن خلال مقاربة منهجية وعقلانية، تفكك الكاتبة هذا التحيز وتُظهر أن اليوغا يمكن أن يُفهم كممارسة شاملة تجمع بين الجسد والعقل، ويمكن دمجه ضمن مقاربة حديثة للرفاهية.

اليوغا الذي تقدمه نجاة زاهد-ميوال لا يقتصر على التقاليد الهندية. في «اليوغا المُلهَم»، تُبرز الكاتبة كيف تلتقي هذه الممارسة مع تقاليد قديمة أخرى من قارات متعددة.

في إفريقيا، مثلًا، لطالما ارتبطت الرقصات التقليدية والحركات الجسدية بالروحانية والفكر، وهو تصور يشبه الفلسفة المرتبطة باليوغا التي تجمع بين الجسد والروح. في الصين، هناك ممارسات مثل “تاي تشي” و”تشي كونغ”، التي تعتمد على تدفق الطاقة عبر الحركات والتأملات، وتتشارك مع اليوغا في فكرة تنشيط الطاقة الداخلية (تشي)، وهي أيضًا معترف بها من قبل الأوساط الطبية.

بدلًا من أن تكون موضة عابرة، يظهر اليوغا كممارسة عالمية قادرة على جمع الشعوب حول هدف مشترك: تعزيز الصحة الجسدية والعقلية، في احترام متبادل للثقافات.

يأتي كتاب «اليوغا المُلهَم» كثمرة لتفكير معمّق حول الأوجه المتعددة لليوغا، من خلال منظور علمي وتعددي الثقافات. تدعونا نجاة زاهد-ميوال لإعادة التفكير في هذه الممارسة القديمة في ضوء الاكتشافات الحديثة والخلفيات الثقافية المختلفة. سواء كان الممارس طبيبًا، عالمًا، فيلسوفًا أو روحانيًا، يوفر الكتاب رؤية جديدة وعملية للرفاهية.

زاهد-ميوال، بمخزونها العلمي وروحها التحليلية، تدعونا لتبنّي اليوغا كممارسة شخصية، بعيدة عن الكليشيهات. عبر نصائحها العملية حول التنفس، التغذية، والنوم، تقترح مقاربة شمولية ومتكاملة للرفاهية.

سيرة ملهمة

نجاة زاهد-ميوال، المولودة في المغرب، عالمة ذات مسار غير تقليدي. بعد دراسة علم الأحياء في فرنسا، طورت شغفًا باليوغا، مما جعلها توفق بين معارفها العلمية والممارسات الروحية الجديدة.

كتابها «اليوغا المُلهَم» هو ثمرة هذا التلاقي بين العلم والممارسة الروحية. فيه تدمج المعارف العلمية حول علم وظائف الأعضاء مع ممارسة اليوغا، لتُنتج كتابًا يجمع بين العمق الروحي والدقة العلمية.

بالإضافة إلى ذلك، يقترح الكتاب تمارين عملية لإدماج اليوغا في الحياة اليومية، مستندًا إلى المبادئ العلمية الأساسية.

نجاة زاهد-ميوال، من خلال رؤيتها التعددية الثقافات، تقدم لنا دليلًا ثمينًا لإعادة توحيد الجسد والروح، من خلال ممارسة اليوغا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *