
بوشطارت:منتجون يراكمون الثروة وفنانون يعيشون البؤس والمنتوج الأمازيغي في خبر كان
جانب من ندوة السينيما الأمازيغية المنظمة ضمن فعاليات مهرجان تافسوت للسينيما بمدينة تافراوت، شاركت فيها بمداخلة حول ” الدراما الأمازيغية وازمة النص”، حاولنا من خلالها الوقوف على بعض المطبات التي تعاني منها المسلسلات الرمضانية الناطقة بالأمازيغية بتعبيراتها المختلفة ، وعلى رأسها مشكلة النص، او السيناريو والذي يتسم في الغالب بالضعف والسطحية والنمطية، مع بعض النماذج التي بدأت تظهر فيها ملامح التحسن والتطور …وجب تثمينها والعمل على تطويرها وتحسينها..
وحتى نكون منصفين فإننا ، وبالرغم من كل ما نسجله من ملاحظات ومتابعات وانتقادات، فإننا لم نصل بعد إلى التراكم الكافي في انتاج الدراما الأمازيغية بالقدر المسموح به للنقد والرصد والتحليل، فمنذ 2013 إلى الآن اي خلال 12 سنة، فقد تم انتاج ما يناهز 36 مسلسل فقط، بمعدل 3 مسلسلات في السنة، مسلسل لكل تعبير، تاريفيت، تامزيغت، وتاسوسيت…وهذا رقم ضعيف جدا لا يسمح لنا بدراسة موضوعية حول الدراما، كما يؤكد ايضاً ان هذه الدراما لاتزال في بدايتها وبالتالي من الطبيعي أن تعاني من إكراهات كثيرة…دون فنحن نتحدث عن المسلسلات فقط دون احتساب السلسلات التلفزية والسيتكوم والأفلام التلفزية…
أما بخصوص تجويد النص الدرامي الأمازيغي فذلك رهين بظهور كتاب السيناريو يتمتعون برصيد معرفي وثقافي وتاريخي كبير وواسع، يمكنهم من ابداع نصوص راقية تنهل من عمق الحضارة الأمازيغية والتراث والثقافة والتاريخ، دون إغفال الخيال ايضاً، والانطلاق من قصص الواقع المعيش والمعاصر ولكن بخلفية ثقافية وحضارية عميقة، نصوص تحبل بالقيم والمعنى والجدوى، تستوعب روح الفكرة وضبط القصة وحبكة الحوار بشكل راقي يجمع بين المتعة والإفادة والدقة…فلا يمكن الوصول إلى ذلك بدون القراءة، فظهور نصوص وسيناريوهات رديئة تدل أن الكتابة ولدت بدون قراءة، لا سيما الاداب …فالنص الدرامي الأمازيغي لازال حبيس اعادة تدوير وتصوير التراث الأمازيغي والأسطورة والحكاية، بطريقة اجترارية ، فلابد من اقتحام الخيال، والخيال لن يتم تنميته إلا بالاداب …
أما بخصوص الإكراهات الاخرى خاصة المادية التي يكثر عليها الحديث دائما ، وإن كان لابد من الإنصاف والمساواة بين الانتاج الدرامي الناطق بالأمازيغية والآخر الناطق بالدارجة من حيث الميزانيات، إلا أن هذا لا يجب أن يكون مشجبا لتعليق الفشل، فالميزانيات المرصودة منذ سنوات للإنتاج الدرامي الأمازيغي مهمة وكافية لصناعة دراما امازيغية في المستوى الذي يحترم ذكاء المشاهدين، كما يلاحظ ايضاً؛ اجحاف حقيقي من طرف بعض شركات الانتاج التي يظهر أنها لا تلتزم بالعهود والاتفاقات المبرمة ، فيما يخص منح ومستحقات الفنان الأمازيغي ، فما يصلنا وما يروج فهو مخيف في الحقيقة…
لانه لا يتم صرف الميزانيات المرصودة بطريقة معقولة في تنفيذ الانتاج، فمثلا مسلسل يرصد له مبلغ يناهز مليار سنتيم، وبالنظر إلى ظروف إنتاجه ومصاريفه من ديكور وملابس ومصاريف التقنيين بمختلف تخصصاتهم ومستحقات الفنانيين والنقل وغيرها، لا تصل كل تلك المبالغ حتى نصف الميزانية المرصودة، إذن أين يذهب نصف مليار؟ هل من المعقول ربح نصف مليار في انتاج مسلسل واحد دام 3 اشهر او 4 اشهر على أقصى تقدير ….؟؟
إذن لابد للشركات المكلفة بتنفيذ الانتاج أن تحترم معايير الحكامة في تنفيذها للإنتاج الدرامي الأمازيغي وتعطي مستحقات الفنانيين الأمازيغ كما هو منصوص عليها في دفتر التحملات ، كما على الفنان الناطق بالأمازيغية أن يكون واعيا بحقوقه كاملة..فلا يعقل أن يكتنز ويراكم بعض المنتجين ثروات هائلة في مدة قصيرة جدا ويشيدون مشاريع استثمارية، في حين يظل الفنان الأمازيغي يعاني الفقر والحاجة والحرمان بالرغم من عمله في الدراما الأمازيغية لسنوات طويلة …
الربح ليس عيب وليس ممنوع ولكن يجب أن يكون في حدود معقولة وليس عن طريق افتراس حقوق الآخرين …
** عبد الله بوشطارت
صحفي وفاعل جمعوي أمازيغي