
جيل Z يتجاوز الصور النمطية الرقمية: من مستهلك للتقنية إلى صانع للتغيير
متابعة : سعيد بيار ://
على مدى سنوات، ارتبط اسم جيل Z، أي الشباب المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الثاني من الألفية الجديدة، بصور نمطية تختزله في كونه جيلًا “غارقًا في الهواتف الذكية”، “منعزلًا خلف الشاشات”، و“سطحيّ الاهتمامات”.
لكن الأحداث والتحولات الاجتماعية الأخيرة تكشف عن جيل يثبت العكس: جيلٌ واعٍ، فاعل، ومبدع، يسعى لإعادة تشكيل الواقع بدلًا من الاكتفاء بمتابعته عبر الإنترنت.
تشير دراسات حديثة صادرة عن مراكز أبحاث الشباب إلى أن جيل Z هو الأكثر وعيًا بالقضايا الاجتماعية والبيئية، ويستخدم التكنولوجيا ليس فقط للتواصل والترفيه، بل أيضًا كأداة للضغط والمناصرة.
فوسائل التواصل الاجتماعي، التي يُتهم بها الجيل بأنها سبب انطوائه، أصبحت في الواقع منصات للتنظيم المدني والحملات التضامنية، وللتعبير عن قضايا مثل العدالة المناخية، المساواة بين الجنسين، وحقوق الأقليات.
لم يعد الشباب من هذا الجيل مجرّد مستهلكين للمعرفة الرقمية، بل تحوّلوا إلى منتجين وصنّاع محتوى، قادرين على فرض أجندات نقاش جديدة.
ففي المغرب، مثلًا، قاد ناشطون من جيل Z خلال السنوات الأخيرة حملات مؤثرة على الإنترنت ضد العنف المدرسي، ولفتوا الانتباه إلى قضايا التشغيل والتعليم والبيئة، ما أجبر مؤسسات رسمية على التفاعل.
على عكس الصورة النمطية التي تصفه باللامبالاة أو الانعزال، يُظهر جيل Z حساسية عالية تجاه القضايا الإنسانية، ويميل إلى الحلول التعاونية والمبادرات الجماعية.
وتبرز هذه النزعة خصوصًا في أوقات الأزمات، إذ تحوّل الشباب المنصات الرقمية إلى أدوات لتبادل المساعدة والدعم النفسي، كما حدث خلال جائحة كورونا أو في كوارث طبيعية.
أدرك جيل Z مبكرًا أنّ التكنولوجيا ليست غاية في حدّ ذاتها، بل وسيلة لتوسيع فرص التعليم والابتكار وريادة الأعمال.
فنجد اليوم مئات المشاريع الناشئة التي أسّسها شباب في مقتبل العمر، تعتمد على الذكاء الاصطناعي، التجارة الإلكترونية، أو التعليم الرقمي، وهو ما يكسر الصورة التقليدية عن الشباب كـ“مستهلكين تافهين للتطبيقات”.
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه هذا الجيل، من أبرزها الفجوة الرقمية بين المدن والقرى، وضغوط البطالة والقلق النفسي الناتج عن وتيرة التحولات السريعة.
ويرى خبراء أن دعم هذه الطاقات الشابة يحتاج إلى سياسات عمومية تتيح فرصًا متكافئة للتعليم الجيد، التدريب، والتشغيل، وتفتح المجال أمام المشاركة السياسية والمدنية.
يثبت جيل Z أنّه ليس مجرّد امتداد لثورة الاتصالات الرقمية، بل فاعل رئيسي في صياغة المستقبل.
فبفضل وعيه وجرأته على كسر القوالب �