فاكهة الفقراء تتحول إلى رفاهية موسمية: ارتفاع صاروخي في أسعار التين الشوكي بالمغرب

لم يعد التين الشوكي، أو كما يعرف شعبيًا بـ”الهندية”، فاكهة الفقراء كما عهدها المغاربة لعقود طويلة. فمع دخول موسمها الصيفي لهذا العام، شهدت أسواق المملكة ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار هذه الفاكهة، حيث بلغ ثمن الحبة الواحدة في بعض المناطق ما بين 5 و10 دراهم، ووصل في مدن أخرى إلى حدود 15 درهمًا، مما أثار جدلًا واسعًا بين المواطنين وأصحاب المزارع والمهتمين بالشأن الفلاحي.

يرجع المتخصصون هذا الارتفاع الحاد إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، في مقدمتها انتشار الحشرة القرمزية التي أتت على مساحات شاسعة من نبتة الصبار خلال السنوات الأخيرة، ما تسبب في تراجع حاد للإنتاج الوطني. وبالرغم من محاولات الدولة القضاء على هذه الآفة وتوفير أصناف مقاومة، إلا أن نتائج هذه الجهود ما تزال محدودة الأثر على أرض الواقع.

إلى جانب الآفة النباتية، يعيش القطاع الفلاحي تحديات مناخية قاسية، أبرزها تراجع التساقطات المطرية وارتفاع درجات الحرارة، ما أثر على مردودية المحاصيل، خصوصًا في المناطق القروية الجافة. الجفاف المتكرر دفع بالعديد من الفلاحين إلى تقليص المساحات المزروعة بالصبار أو التخلي عنها نهائيًا، بسبب عدم القدرة على مواجهة المصاريف المتزايدة.

أسعار المواد الأولية الفلاحية، من أسمدة ومبيدات، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة اليد العاملة والنقل، ساهمت بدورها في تضخم ثمن “الهندية”، حيث أشار بعض الفلاحين إلى أن ثمن البيع لم يعد مرتبطًا بحجم المنتوج فقط، بل بالجهد والتكلفة التي باتت تفوق القدرة الإنتاجية للكثير من الضيعات الفلاحية.

وفي الوقت الذي يعاني فيه الفلاح من شح الموارد وغياب الدعم الفعلي، يجد المواطن نفسه أمام أسعار مبالغ فيها، تغذيها المضاربات وغياب الرقابة الصارمة على حلقات التسويق. فقد بات التين الشوكي يمر عبر سلسلة من الوسطاء قبل أن يصل إلى المستهلك، وهو ما يضاعف من سعره النهائي بطريقة غير مبررة.

ارتفاع أسعار التين الشوكي في المغرب ليس مجرد انعكاس للجشع أو الاستغلال، بل نتاج تداخل عوامل بيئية وآفاتية واقتصادية وإدارية، تتطلب تدخلًا حكوميًا عاجلًا. إذ لا بد من إعادة تنظيم سلسلة إنتاج وتوزيع هذه الفاكهة، عبر:

دعم الفلاحين الصغار بتقنيات حديثة وأصناف مقاومة للآفات.

تعميم عمليات التلقيح والمراقبة النباتية في الحقول المصابة.

تشجيع التعاونيات الفلاحية للحد من دور الوسطاء.

وتوفير أسواق محلية منظمة تضمن هامش ربح عادل لكل الأطراف.

فقط عبر هذه المقاربة الشمولية، يمكن للمغرب أن يستعيد مكانة “فاكهة الفقراء” في المواسم المقبلة، ويحولها من عبء موسمي إلى فرصة تنموية واقتصادية مستدامة، خصوصًا في العالم القروي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *