“وداعًا هاجر… شهيدة الطباشير ورسالة العلم المغدورة”

متابعة : سعيد بيار ://

فُجعت الساحة التعليمية والرأي العام الوطني بخبر مروع هز وجدان كل من ما زال يؤمن بقيمة المدرسة المغربية ورُسُلها من نساء ورجال التعليم. فقد رحلت الأستاذة هاجر، بعد أن باغتها الموت في لحظة لا تخطر على بال، وهي تمارس واجبها المهني داخل فصل دراسي، في مدينة أرفود الهادئة. لكن الغدر كان أسرع من رسالتها، وأقسى من حلمها، حين تعرضت لاعتداء شنيع على يد أحد تلامذتها، أنهى حياتها، وأعاد إلى الواجهة السؤال الحارق: من يحمي رجال ونساء التعليم؟

لم تكن هاجر سوى شابة تحمل حلمًا نبيلًا، قضت سنوات عمرها بين مقاعد الدراسة، ثم فصول التكوين، لتلتحق بمنظومة كانت وما زالت في أمسّ الحاجة لأمثالها. أستاذة شغوفة، طموحة، تحمل الطباشير في يد، والكرامة في الأخرى، وتسير بثبات نحو غدٍ كانت تظنه أجمل. لكن يد الغدر، المعبّأة بعنف هذا الزمن، خطفتها في مشهد يختزل تراجع القيم، وتصدّع الهيبة التي كانت تكسو المدرسة المغربية ذات زمن.

الجريمة، التي لاقت استنكارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تفتح من جديد باب النقاش حول أمن المؤسسات التعليمية، ودور المجتمع في إعادة الاعتبار للمدرس، والحد من منسوب العنف الذي أصبح مشهدًا عاديا في قاعات الدرس، وفضاءات كان يفترض أن تكون آمنة.

وقد عبّر عدد من زملاء الفقيدة عن صدمتهم العميقة، مؤكدين أن ما وقع ليس سوى نتيجة طبيعية لتراكمات من الإهمال، وتراجع القيم، وتفكك الروابط التربوية. كما دعا العديد من الفاعلين التربويين والحقوقيين إلى فتح تحقيق عاجل ومعمق، ومباشرة إصلاحات حقيقية تهم المنظومة التعليمية ككل.

فيما لا تزال التحقيقات جارية، وتنتظر العدالة أن تأخذ مجراها، تبقى الأستاذة هاجر رمزًا لضحايا الواجب في هذا الوطن. وطنٍ يتفرج، كل يوم، على نزيف إنساني متواصل، لا تهزه صور الدماء، ولا توقظه أخبار الموت.

رحم الله شهيدة الواجب، وأسكنها فسيح جناته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *