
وفاة الشيخ جمال القادري البودشيشي
نجيب النجاري :
توفي اليوم الجمعية بالمستشفى العسكري بالرباط، الشيخ جمال القادري البودشيشي، عن عمر ناهز 83 سنة، بعد مسيرة روحية حافلة قضاها في خدمة التصوف السني، ونشر قيم الاعتدال والسلام داخل المغرب وخارجه.
رحيل الشيخ جمال القادري، الذي تولى مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية بعد وفاة والده الشيخ حمزة سنة 2017، يشكل محطة فارقة في مسار الزاوية التي تتخذ من مداغ بإقليم بركان مركزا لها.
فقد واصل الراحل قيادة الطريقة بنهج متوازن، جمع بين التربية الروحية والانفتاح على العصر، وأسهم في ترسيخ صورة التصوف المغربي المعتدل، في ظل سياق ديني عالمي معقد.
وكان الشيخ قد نقل إلى المستشفى العسكري بالرباط في أبريل الماضي، بتعليمات ملكية سامية، على متن مروحية طبية مجهزة بأحدث الوسائل، عقب تعرضه لوعكة صحية مباشرة بعد مشاركته في الذكرى الثامنة لوفاة والده بمقر الزاوية.
وخلال سنوات قيادته للطريقة، حرص الشيخ جمال القادري على تثبيت دعائم ثقافة السلم والتسامح والحوار بين الأديان، كما واصل تنظيم الملتقى العالمي للتصوف، الذي تحول إلى منصة سنوية تجمع مئات المريدين والعلماء والباحثين من مختلف دول العالم، لمناقشة قضايا التصوف والتجديد الديني.
لكن وفاة هذا الوجه البارز من وجوه التصوف المغربي، تطرح اليوم تساؤلات جوهرية حول مستقبل الزاوية، وقدرتها على مواصلة نفس المسار الروحي والفكري في ظل تغير الأجيال والتحولات السريعة التي يعرفها المجتمع المغربي والعالمي.
فبين رمزية الوفاء للتقاليد الصوفية، وحتمية الانفتاح على العالم الجديد، تجد الزاوية القادرية البودشيشية نفسها أمام منعطف دقيق، يتطلب رؤية واضحة واستمرارية واعية لضمان استدامة هذا الإرث الروحي المغربي العريق.