
بقلم: امين الحميدي / الرباط
تعيش الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية منذ أشهر على وقع شلل إداري شبه تام، وسط فوضى تنظيمية وتوقف شبه كلي لمصالحها، ما انعكس سلبًا على سلسلة التوريد والتسجيل الحيوية لعمل الشركات المصنعة والمستوردة للأدوية والمستلزمات الصحية بالمغرب.
مصادر مهنية كشفت عن تعطل المنصة الرقمية المخصصة لمعالجة الملفات، ما أدى إلى اختلالات كبيرة في تدبير المخزون الاستراتيجي للأدوية، وسجلت انقطاعات متكررة في عدد من الأدوية الحيوية، أبرزها دواء علاج داء السل، في سابقة تنذر بعواقب وخيمة على الصحة العامة.
الأزمة لم تقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى تعطيل عمليات تجديد شهادات التسجيل الخاصة بالمواد الصحية، وهو ما زاد من تعقيد الوضع وأثر بشكل مباشر على انسيابية العمل داخل القطاع الصحي والصيدلاني.
ورغم الآمال التي عُقدت عند تأسيس الوكالة المغربية للأدوية، فإن أكثر من أربعة أشهر على انطلاق عملها كشفت عن محدودية أدائها، وعجز إدارتها عن احتواء الأزمة أو تقديم حلول تدريجية. في المقابل، يؤكد مهنيون أن المرحلة السابقة، خلال عهد المدراء السابقين، تميزت بدينامية واضحة، حيث كانت تُنجز آلاف الشهادات والتراخيص الحيوية بوتيرة منتظمة.
مصادر من داخل القطاع أفادت أن المدير الحالي يعاني من ضعف في الإلمام بتفاصيل وخبايا المنظومة، ما جعله غير قادر على تشكيل فريق عمل فعّال من داخل المؤسسة، كما أن اختياره لنهج تصادمي أدى إلى إقصاء عدد من الكفاءات وتجميد صلاحيات رؤساء الأقسام، دون تقديم بدائل عملية، ما خلق حالة من الجمود والارتباك الإداري.
هذه الارتجالية، حسب المتابعين، كانت كافية لخلق حالة من القلق في أوساط المهنيين والفاعلين الاقتصاديين، الذين باتوا يتخوفون من انعكاسات خطيرة على السوق الدوائية الوطنية.
في ظل هذا الوضع، سارعت النقابات المهنية إلى عقد لقاءات مكثفة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ووزارة الاستثمار، وديوان رئيس الحكومة، بهدف دق ناقوس الخطر والمطالبة بتدخل فوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ويؤكد المتابعون أن الأمن الدوائي للمملكة ليس ترفًا، بل أولوية وطنية تستدعي كفاءة عالية في التسيير، واستباقية في القرارات، وسرعة في التنفيذ، وهي عناصر تغيب اليوم عن تدبير الوكالة في وضعها الحالي.