السياسة بين الأخلاق والبؤس: حينما يصبح العهر السياسي ممارسة يومية

بقلم: سعيد بيار://

في زمن أصبح فيه البؤس يرتدي قبعة حصان، لا تعجب إن رأيت الممارسة السياسية وقد غادرت جلبابها الأخلاقي لتتحول إلى ساحة صراع تحكمها العجرفة، ويقودها “مفعفعون” لا يفقهون في الحوار إلا التهديد، ولا يجيدون من التواصل سوى لغة الترهيب.

في إقليم يُفترض أن يشهد تنافساً شريفاً بين أحزاب ذات مرجعيات فكرية، نجد أن “محترفي صناعة البؤس” و”ممتهني العهر السياسي” حولوا الحلبة إلى مسرح عبثي. هنا، لم تعد الاستحقاقات السياسية تُحسم عبر صناديق الاقتراع النزيهة، بل عبر أساليب يشوبها الكثير من الشبهات… و”من وقع في الشبهات وقع في الحرام”.

الواقع أن هناك حملة تشويه ممنهجة تستهدف العمل السياسي، يقودها من لا همّ لهم سوى تسلق المناصب وتلميع الذات، حتى وإن كان الثمن هو ضرب الممارسة الديمقراطية في مقتل. نراهم يتفاخرون بسيارات فارهة في حين أن مقومات الخطاب السياسي، من نقاش وطرح وبرامج، غائبة تماماً، وكأننا أمام نسخة مشوهة من عروض “الروديو”.

أحد هؤلاء، الذي لا يمتلك سوى لسان الوعيد، قال يوماً لأحد معارضيه: “اللي دخل فداك الموضوع غادي يجيبها فراسو”. قد يكون نسي أن خصمه هو نفسه من دافع عنه ذات يوم، حينما كان لا يفتح فمه إلا عند طبيب الأسنان.

والأعجب من ذلك، أن الكواليس تعج بالقرارات المرتجلة: من يُعزل اليوم، يعود غداً، وكأن القيادة أصبحت لعبة كراسي موسيقية. السيارة تُسلم لفلان مساءً، وتُعاد لآخر صباحاً، ولا أحد يعلم لمن ستؤول في النهاية… العلم لله.

هكذا يبدو أن “الحلمة” السياسية في هذا الإقليم ليست سوى منامات يقظة، لا تستحق حتى عناء البحث عنها في كتب تفسير الأحلام.

وختمًا، لعلنا نردد قول عبد الإله بنكيران: “من أراد أن يعطينا الدروس، فليكن قادراً على تلقي الأجوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *