
المغرب يُقنن استخدام “التروتينت” ضمن مدونة السير ويُحدد شروط السلامة: خطوة تنظيمية لمواكبة التحول في أنماط التنقل الحضري
الرباط – في خطوة تعكس حرص المغرب على مواكبة التحولات الحديثة في أنماط التنقل الفردي والحركية الحضرية، أعلنت وزارة النقل واللوجستيك عن اعتماد إطار قانوني جديد يُقنن استخدام الدراجات الكهربائية الخفيفة، المعروفة باسم “التروتينت”، ضمن مدونة السير، محددة شروطًا دقيقة تهم السلامة والاستعمال السليم لهذا الوسيلة التي باتت تلقى رواجًا متزايدًا في عدد من المدن المغربية.
ويأتي هذا التقنين استجابة لحالة الفراغ التشريعي الذي طالما رافق انتشار التروتينت في السنوات الأخيرة، وما نتج عنه من سلوكيات عشوائية في السير، وارتفاع حوادث الاصطدام، سواء مع الراجلين أو السيارات، في ظل غياب قواعد واضحة تُحدد حقوق وواجبات مستعملي هذه الوسيلة.
وبحسب بلاغ رسمي لوزارة النقل، فإن مدونة السير ستُدرج “التروتينت” ضمن فئة العربات ذات المحرك الخفيف، مع ضرورة احترام شروط تقنية تتعلق بالسرعة القصوى التي لا يجب أن تتجاوز 25 كيلومتراً في الساعة، وارتداء الخوذة الواقية، وتفادي استعمالها على الطرقات ذات الكثافة المرورية أو الطرق السريعة، على أن يتم تحديد مسارات خاصة بها داخل المدن الكبرى تدريجياً.
كما يُلزم الإطار القانوني الجديد مستعملي “التروتينت” الذين تقل أعمارهم عن 16 سنة بالحصول على ترخيص أولي من السلطات المختصة، فيما ستُفرض غرامات مالية على المخالفين لشروط السلامة، خاصة من يستعملونها ليلاً بدون إضاءة أو إشارات عاكسة.
وفي هذا السياق، أكد مسؤول بوزارة النقل أن “القانون الجديد لا يسعى إلى الحد من حرية التنقل، بل إلى تنظيمها وتأطيرها حمايةً للمواطنين من جهة، ومنعًا للفوضى المرورية من جهة ثانية”، مشيرًا إلى أن الوزارة ستُطلق حملات توعية موازية للتعريف بالقواعد الجديدة والتشجيع على السلوك الحضاري في استخدام التروتينت.
وتعكس هذه الخطوة تفاعل السلطات مع تطورات المشهد الحضري، حيث باتت الدراجات الكهربائية تشكّل بديلًا عمليًا واقتصاديًا في ظل ارتفاع كلفة النقل العمومي والمحروقات، خصوصًا في أوساط الشباب وطلبة الجامعات والعاملين في خدمات التوصيل.
كما يرتقب أن يُساهم هذا التقنين في تعزيز السلامة الطرقية، والحد من الحوادث الناجمة عن الاستخدام العشوائي للتروتينت، خصوصاً في الفضاءات المشتركة مع الراجلين، ومعالجة التحديات المرتبطة بتقاطع وسائل النقل الحديثة مع البنية التحتية التقليدية للمدن المغربية.
ويُنتظر أن تُفعّل مقتضيات هذا القانون الجديد ابتداءً من الدخول الاجتماعي المقبل، وسط دعوات من فعاليات مدنية بضرورة دعم هذا التوجه بتحديث التشوير الطرقي، وإنشاء فضاءات خاصة بوسائل النقل الخفيفة والمستدامة، بما يُعزز رؤية المغرب نحو مدن ذكية وآمنة بيئياً وحركياً.