المنح الجماعية بجماعة دار بوعزة: دعم للتنمية أم تكريس للاختلال؟

تُعدّ جماعة دار بوعزة من المناطق التي تعرف توسعًا ديمغرافيًا متسارعًا وتحديات اجتماعية وثقافية متزايدة، ما يجعل من العمل الجمعوي ركيزة أساسية للمواكبة والتنمية المحلية. غير أن طريقة توزيع المنح الجماعية تثير، في كل موسم، موجة من التساؤلات والاستياء في أوساط عدد من الفاعلين الجمعويين.

فالمنطق السليم يقتضي أن تُوجَّه المنح إلى الجمعيات النشيطة، الحاضرة ميدانيًا، والتي تُسهم فعليًا في التأطير الاجتماعي، الثقافي، الرياضي والبيئي، وتشتغل في ظروف صعبة وبإمكانيات محدودة. إلا أن الواقع بجماعة دار بوعزة يكشف مفارقة لافتة؛ إذ تستفيد جمعيات لا يُعرف لها أثر ملموس في الساحة من دعم جماعي، في حين تُقصى أو تُهمَّش جمعيات أخرى تشهد لها الأنشطة والبرامج والحضور المستمر.

هذا الوضع يُعيد إلى الواجهة المثل الشعبي القائل: “لمّو في عرس ما كبّاتش بلا عشا”، في إشارة إلى غياب العدالة في توزيع الدعم، حيث لا يُكافأ من حضر واشتغل، بينما ينال غيره نصيبًا دون عناء ظاهر.

إن غياب التواصل الواضح حول معايير الاستفادة، وعدم نشر تقارير مفصلة حول تقييم ملفات الجمعيات، يفتح الباب أمام التأويلات ويُضعف الثقة في تدبير المال العمومي. كما أن الجمعيات الفاعلة، التي تُنظم أنشطة ميدانية وتؤطر فئات هشة من شباب وأطفال ونساء، تجد نفسها أمام واقع محبط، قد يدفعها إلى التراجع أو التوقف.

الأكثر إثارة للقلق أن المنح الجماعية، التي يُفترض أن تكون رافعة للتنمية المحلية، تتحول في بعض الحالات إلى إجراء شكلي أو امتياز موسمي، بدل أن تكون أداة تحفيز قائمة على الاستحقاق والنجاعة. وهو ما يتنافى مع مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.

إن تصحيح هذا المسار بجماعة دار بوعزة يقتضي:

اعتماد معايير دقيقة وشفافة لمنح الدعم؛

ربط المنحة بـ الحصيلة الفعلية والبرامج القابلة للتنفيذ؛

إحداث لجان تقييم مستقلة ومتعددة الاختصاصات؛

نشر لوائح المستفيدين مع تعليل القرارات؛

ضمان تكافؤ الفرص بين جميع الجمعيات دون إقصاء أو تمييز.

فالمنحة الجماعية ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لدعم العمل الجاد وخدمة الساكنة. ودون إنصاف الجمعيات التي تشتغل بصدق في الميدان، سيظل سؤال العدالة في توزيع الدعم مطروحًا بقوة داخل جماعة دار بوعزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *