الحكومة تصادق على دعم شهري للأيتام داخل مؤسسات الرعاية: 500 درهم تُستثمر في مستقبل القاصرين

صادق مجلس الحكومة، خلال اجتماعه المنعقد يوم الثلاثاء 23 دجنبر 2025، على حزمة من النصوص التنظيمية الجديدة الرامية إلى تنزيل إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، باعتبارها أحد الأوراش الوطنية ذات الأولوية الاستراتيجية في السياسات العمومية للمملكة.
وتندرج هذه المصادقة في إطار استكمال المسار التنفيذي للإطار القانوني الذي تم اعتماده سابقاً، حيث وافق المجلس على مشروع مرسوم يحدد شروط وكيفيات الاستفادة من الإعانة الخاصة ضمن نظام الدعم الاجتماعي المباشر. وقد قدم هذا المشروع فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية.
دعم موجه لفئة ظلت خارج منظومة الاستفادة المباشرة
ويركز المرسوم الجديد، على وجه الخصوص، على تفعيل المقتضيات المتعلقة بالأطفال اليتامى والمهملين المقيمين بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، في خطوة تهدف إلى تصحيح اختلالات سابقة وضمان مبدأي الإنصاف وتكافؤ الفرص مع باقي الفئات المستفيدة من برامج الدعم العمومي.
وبموجب النص المصادق عليه، سيتم تخصيص إعانة شهرية قدرها 500 درهم عن كل طفل مستفيد، تُودع بشكل منتظم في حساب خاص يُفتح باسم الطفل لدى صندوق الإيداع والتدبير، وذلك وفق الضوابط القانونية المعمول بها في ما يتعلق بتدبير أموال القاصرين.
من إعانة ظرفية إلى رصيد مستقبلي مضمون
ولا يقتصر هذا الإجراء على تقديم دعم مالي آني، بل يعتمد مقاربة استشرافية تقوم على التراكم الادخاري طويل الأمد. إذ يتيح النظام للشاب المستفيد، عند بلوغه سن الرشد القانوني، سحب المبلغ المتراكم كاملاً، شريطة ألا يقل عن 10 آلاف درهم، بما يوفر له رصيداً أولياً يمكن أن يشكل دعامة للاندماج الاجتماعي أو المهني.
كما ينص المرسوم على جملة من الإجراءات التنظيمية، من بينها إشعار المستفيد أو نائبه الشرعي بكافة المعطيات المتعلقة بالحساب المفتوح، سواء عند مغادرة مؤسسة الرعاية الاجتماعية أو عند بلوغ سن الرشد، بما يعزز الشفافية وحماية حقوق المستفيدين.
مقاربة اجتماعية قائمة على الكرامة والإنصاف
ويمثل هذا التوجه تحولاً نوعياً في فلسفة الدعم الاجتماعي، حيث لم يعد يُنظر إليه كإجراء إحساني مؤقت، بل كأداة استثمار اجتماعي في مستقبل فئات هشة ظلت في حاجة إلى دعم ممنهج ومستدام.
فمن خلال تحويل الإعانة إلى رصيد مالي مضمون يُراكم طيلة سنوات الطفولة، تسعى الدولة إلى تمكين الأطفال داخل مؤسسات الرعاية من نقطة انطلاق أكثر إنصافاً بعد مغادرتهم رعاية الدولة، سواء لمتابعة الدراسة، أو الاندماج في سوق الشغل، أو بدء حياة مستقلة.
خطوة إضافية في مسار تعميم الحماية الاجتماعية
ويأتي هذا الإجراء ليؤكد التزام الحكومة بمواصلة تنزيل ورش تعميم الحماية الاجتماعية، عبر توسيع قاعدة المستفيدين وتحقيق عدالة مجالية واجتماعية أكثر نجاعة. كما يعكس وعياً متزايداً بأهمية حماية الفئات الهشة ليس فقط عبر الدعم المالي، بل من خلال سياسات عمومية تضمن الكرامة والاستقلالية على المدى المتوسط والبعيد.
وبذلك، تتحول الإعانة الاجتماعية من مجرد رقم في ميزانية الدعم، إلى رافعة حقيقية للإدماج الاجتماعي وبناء الثقة في المستقبل، في تجسيد عملي لمعنى العدالة الاجتماعية القائمة على الحقوق والفرص المتكافئة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *