عامل إقليم برشيد يكسر روتين المكاتب… جولة ميدانية تُعيد الثقة بين المواطن والإدارة
في خطوة وُصفت بأنها سابقة في نهج التدبير الترابي المحلي، قام السيد جمال خلوق، عامل إقليم برشيد، يوم أمس، بجولة ميدانية فريدة من نوعها جابت عدداً من الأحياء والمناطق التابعة للإقليم. الجولة التي كُسرت فيها حواجز البروتوكول الرسمي، عكست رغبة واضحة في ترسيخ مفهوم القرب من المواطن وتجسيد فلسفة الإدارة المواطِنة.
خلال هذه الجولة، لم يتردد السيد العامل في مخالطة المواطنين مباشرة، والإنصات لانشغالاتهم اليومية ومطالبهم الملحّة دون وساطة، مستمعاً بإمعان ومناقشاً الحلول الممكنة مع ممثلي السلطات المحلية والمصالح الخارجية المرافقة له.
هذه المبادرة تأتي تجسيداً فعلياً للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ما فتئ يؤكد في خطبه ورسائله الملكية على ضرورة خروج الإدارة من مكاتبها المغلقة إلى الميدان، والاقتراب من المواطن، وجعل الخدمة العمومية في متناوله بشكل ملموس وفعّال.
وفي هذا السياق، شكلت الجولة الميدانية للسيد العامل ترجمة واقعية لهذه الرؤية الملكية الحكيمة، التي تجعل من القرب الترابي وسيلة أساسية لتحقيق العدالة المجالية والتنمية المستدامة.
وقد لاقت هذه المبادرة ترحيباً واسعاً من قبل ساكنة الإقليم، الذين عبّروا عن ارتياحهم الكبير لهذه الخطوة التي وصفوها بـ”العملية والواقعية”، معتبرين أنها تُعيد الأمل في إدارة قريبة من المواطن، تُصغي لمطالبه وتسعى لحل مشاكله على الأرض.
أحد المواطنين صرّح قائلاً: “أن ترى عامل الإقليم بيننا، يسمع لنا ويتحدث معنا مباشرة، فهذا بحد ذاته رسالة قوية بأن صوت المواطن لم يعد بعيداً عن مركز القرار.”
ويرى متتبعون للشأن المحلي أن هذه المبادرة ينبغي ألا تبقى مجرد حدث استثنائي أو مبادرة ظرفية، بل أن تتحول إلى ثقافة مؤسساتية ونهج دائم في تدبير الشأن العام، يعزز قيم المسؤولية والمحاسبة ويعيد بناء الثقة بين المواطن والإدارة.
ففي زمن تتزايد فيه انتظارات الساكنة وتتعمق فيه تحديات التنمية، لم يعد اختزال الفجوة بين المواطن والإدارة مجرد شعار مناسباتي، بل معياراً حقيقياً لنجاح السياسات العمومية.
الجولة الميدانية لعامل إقليم برشيد، وإن بدت بسيطة في شكلها، تحمل في جوهرها رسالة عميقة: أن الحلول الحقيقية لا تُصاغ خلف المكاتب المكيفة، بل تولد من قلب الميدان ومن نبض معاناة المواطن اليومية.
إن استمرار هذا النهج وتعميمه على مختلف المستويات الترابية، من شأنه أن يُحوّل الثقة المفقودة بين الإدارة والمواطن إلى طاقة إيجابية دافعة نحو تنمية محلية شاملة ومستدامة، تُجسّد فعلياً مفهوم “الإدارة في خدمة المواطن”، لا العكس.