وزارة الداخلية تُحصّن رجال السلطة: لا متابعة قضائية أثناء تنفيذ مهام تحرير الملك العمومي وهدم العشوائيات

في خطوة وُصفت بالتحول المفصلي في العلاقة بين الإدارة الترابية ورجال السلطة الميدانيين، عمّمت وزارة الداخلية توجيهات رسمية تُعفي القواد وباقي رجال السلطة من المتابعات القضائية أثناء قيامهم بمهامهم المتعلقة بهدم البناء العشوائي وتحرير الملك العمومي، شريطة احترام المساطر القانونية الجاري بها العمل.

مصادر مطلعة كشفت أن مصالح المركز بالوزارة وجّهت برقيات إلى عمال عدد من العمالات والأقاليم، خصوصًا بجهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي، تتضمن استشارات قانونية صادرة عن قسم النزاعات بمديرية المؤسسات المحلية، تُقرُّ بشكل صريح أن تدخلات رجال السلطة في هذا الإطار لا تُرتب أي مسؤولية قضائية مادامت تدخلاتهم تندرج ضمن صلاحياتهم الإدارية والقانونية.

ويأتي هذا التوجيه في سياق تصاعد الشكايات والدعاوى القضائية التي استهدفت عددًا من القواد ورجال السلطة خلال تنفيذ عمليات الإفراغ والهدم، حيث وُجهت إليهم اتهامات بـ”الشطط في استعمال السلطة”، رغم أن المهام التي نفذوها تدخل ضمن اختصاصاتهم التنظيمية لحماية الملك العمومي وضمان احترام قوانين التعمير.

التوجيه الجديد يُعيد الاعتبار لهيبة رجل السلطة ويمنحه الحماية القانونية التي تُمكّنه من أداء واجبه دون تخوف من المتابعات، خاصة في ظل تصاعد وتيرة البناء غير القانوني والتطاول على الملك العام في عدد من المدن والقرى.

كما شددت الاستشارات على ضرورة تفعيل دور رؤساء الجماعات الترابية، باعتبارهم الممثلين القانونيين للملك الجماعي، ودعت إلى التنسيق بين السلطة المحلية والمجالس المنتخبة، مع إمكانية اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لاستصدار أوامر الهدم أو الإفراغ في بعض الحالات التي تتطلب تغطية قانونية استثنائية.

مراقبون اعتبروا أن هذه الخطوة ترسّخ دعم الدولة لرجالها الميدانيين، وتضع حدًا لحالة التردد والارتباك التي كانت تطبع تدخلاتهم، مؤكدين أن تحصين رجل السلطة هو تحصين لهيبة الدولة نفسها، خاصة في مواجهة مظاهر التسيب العمراني والاحتلال غير المشروع للملك العمومي.

ويحمل هذا التوجيه دلالة قوية على أن وزارة الداخلية حريصة على ضمان التوازن بين إنفاذ القانون واحترام الحقوق، عبر تمكين رجال السلطة من أدوات التدخل القانونية، دون المساس بضمانات التقاضي حين تتطلب الضرورة ذلك، وفقًا للمساطر.

وفي السياق ذاته، رأى أحد الفاعلين في الشأن القانوني أن “هذا القرار يعكس تحولًا في فلسفة وزارة الداخلية، من التدبير المحافظ إلى التدبير المُحصّن برجال ميدانيين محميين قانونيًا، قادرين على فرض القانون دون الخوف من المحاسبة العشوائية.”

الرسالة واضحة: من يحمي النظام العام، تحميه الدولة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *