من زوارق الموت …..إلى دراجات الموت ” التريبورتور”
نجيب النجاري ../..
إنها دراجات غير مكشوفة …تم تأثيثها …ليست ب توك ..توك المصري …بل دراجات صينية بتغييرات مغربية …مخصصة أصلا لنقل البضائع لكن خصصها المغاربة لنقل الأشخاص … يتم تكديسهم بالداخل والخارج …تستغل في جميع المناسبات والتظاهرات … سائقوها من طينة لا تعترف بمدونة السير …ينطلقون بسرعة فائقة … دون وازع أخلاقي أو قانوني…مطلقين العنان للموسيقى الصاخبة والشعبية …أمام طيش شبابي … يعرف هذا النوع من النقل إقبالا كبيرا لدى الأوساط الاجتماعية الهشة ، وخصوصا ضواحي المدينة ..أمام فوضى عارمة …وارتكاب حوادث سير قاتلة …لم تتمكن السلطات المعنية بالقطاع الحد هذه الظاهرة التي انضافت إلى حرب الطرق .
مدينة الدار البيضاء لم تستثنى من هذه الظاهرة ، رغم الاستراتيجية التي نهجتها الدولة لمتابعة الأخطار المحدقة بالمواطنين على جميع المستويات ، انطلاقا من المراقبة الأمنية بريا وبحريا .
إلا أن ظاهرة دراجات النقل ” التريبورتور ” أرخت بأخطارها على المواطنين ، لتكبد خسائر كبيرة في الأرواح ، وتنضاف إلى حرب الطرق المستعيرة ، حسب مؤشرات وإحصاءات الوزارة المعنية، تتزايد بتزايد خرق قانون مدونة السير .
ما يطلق عليه دراجات الموت أو الخطر ، لا مسنا واقع هذه الفئة التي يشار إليها بالبنان ووقفنا على عدة اختلالات طالت هذا القطاع الغير المهيكل إن على مستوى التسويق أو على مستوى التصنيف،ليبقى الجانب السوسيولوجي والاجتماعي مطروحا في هذا الصدد، حيث لعبت الدولة دورا مهما في احتواء الجانب الاجتماعي، بالتشجيع على اقتناء دراجات في إطار المبادرة الوطنية للتنمية الاجتماعية وإخضاع المستفيدين لدورات تكوينية، لحل معضلة الهشاشة والفقر وحسب التصريحات المستقاة من الشارع ، كون الفئة التي تحترف هذا النوع من النقل ” دراجات الموت ” تتعلق بالجانحين وذوي السوابق ، وبحمولة عدوانية وسلوكات مغرقة في عالم المخدرات والهلوسة .
ولكون هذه الدراجات الصينية الصنع ، تتلائم والمحيط البيئي الذي تجوبه ، إلا أن استغلالها لم يقتصر على نقل البضائع بل تتعداه لنقل الأشخاص ، أمام خرق واضح لقانون التأمين عن هذا الصنف الذي اعتاده المواطنين ولا سيما المدينة الاقتصادية، التي تعرف أزمة انقل عميقة ، أمام حافلات نقل عمومية مهترئة ، وأسطول سيارات أجرة متلاشية، إلى جانب غض النظر من طرف السلطات المحلية ، تفاديا للمشاكل المترتبة عنها .
السؤال الذي يبقى مطروحا ، رغم المجهودات التي أبدتها الجهات المسؤولة من احتواء مشكلة ضبط الدراجات للتعرف على هوية سائقيها ، من خلال عملية ترقيم الدراجات برمتها ، بحكم التسيب الذي عرفه هذا الإجراء ، وعملية التسويف الذي طالته . فكم من راكب الموت ، أسقط في طريقه أرواحا ، وانبرى عن الأنظار بفراره ، وسجلت بذلك حادثة سير ضد مجهول ،كما تم استغلال طريبورتور الموت للسرقة واستدراج الفتيات لسلب حاجياتهم واغتصابهن ، أمام خرق سافر مجرد من الإنسانية .
أمام هذا الوضع الكارثي الذي آل إليه هاجس النقل بمدينة الدارالبيضاء الذي تحظى بسياسة إعادة هيكلة شمولية من خلال إطلاق مشاريع كبيرة، ودخول المدينة الإقتصادية والمالية مفهوم التميز على غرار المدن العالمية ، وأمام تراجيديا دراجات الموت التي أصبحت تقض مضجع البيضاويين ، للحد من الحوادث الجسيمة ، التي ذهبت بأرواح العديد من الأبرياء .
متى يتم إيقاف هذا النزيف ، والضرب بيد حديدية على كل مرتكب وخارق للقانون ؟…